القدس المحتلة - خاص شبكة قُدس: تتوالى التحذيرات الإسرائيلية مرارا، من ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة بالتزامن مع حلول شهر رمضان المبارك؛ التي تترنح فيها حكومة الاحتلال بين تشديد الإجراءات على وصول الفلسطينيين للقدس والمسجد الأقصى أو إبقائها كما السابق خاصة بما يتزامن مع التصعيد على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

يوم أمس، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن وثيقة سرية لوزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، تحذر من انفجار في الضفة الغربية والقدس المحتلتين قبيل رمضان بما سيؤثر على أداء قوات الاحتلال في قطاع غزة.

ومساء أمس، أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن دخول المصلّين إلى المسجد الأقصى، سيُتاح خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، الذي يحلّ الأسبوع المقبل، دون تغيير عن السنوات الماضية على أن يتم إجراء تقييم أسبوعي للوضع. فيما عدّ وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، أن إعلان نتنياهو بشأن الأقصى، قرار يعرّض المستوطنين للخطر ويعطي صورة انتصار لحماس.

الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، قال، إن هناك قلقا إسرائيليا من شهر رمضان، بسبب عاملين أساسيين وهما تجربة التصعيد أثناء رمضان منذ العام 2021 الذي شهد تزامنا ما بين عيد الفصح اليهودي وشهر رمضان وكانت اقتحامات المسجد الأقصى مكثفة في ذلك الوقت بالإضافة إلى أن القدس كانت تعيش حالة تصعيد متتالية منذ بضعة سنوات والأحداث المتعلقة بباب العامود وحي الشيخ جراح والاقتحامات وغيرها، وبالتالي كان هناك تفاعل متعلق باعتكافات المصلين داخل المسجد الاقصى كذلك.

وأضاف عرابي في حديث خاص لـ "شبكة قُدس"، أنه من الأحداث السابقة، بدأ الاحتلال بالتفكير في شهر رمضان على أنه شهر تصعيد، مشيرا إلى أنه في العام الحالي هناك خشية كبيرة من أن يكون هناك حشد كبير في المسجد الاقصى يتفاعل مع الأحداث داخل قطاع غزة، خاصة وأن الاحتلال يعتقد أنه تمكن من كبح الفلسطينيين في 48 والقدس وإلى حد ما استيعاب الجماهير الفلسطينية داخل الضفة الغربية وتكبيلهم وتقييدهم عن دورهم النضالي.

وأردف، أن الاحتلال يخشى على المستوى الأمني من أن يؤدي الوجود الفلسطيني داخل الأقصى خلال شهر رمضان إلى تصعيد أو رفع شعارات أو صور تدل وكأن الاحتلال لم ينجح في معركته ضد الفلسطينيين.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي عرابي، فإن الشاباك والمؤسسة الأمنية لدى الاحتلال كانت ترى بعدم فرض المزيد من القيود على الفلسطينيين لأنها كانت تعتقد أن فرض القيود على الفلسطينيين لا سيما في القدس والداخل 48 قد يؤدي إلى إشعار هؤلاء بأنهم مستهدفون، وجهاز الشاباك يقول إنهم يريدون أن يقولو للعالم إنها حرب ضد حركة حماس ولكن منع مزيد من الفلسطينيين من الوصول للأقصى يبدو وكأن الاحتلال يمارس حربا ضد المسلمين.

في الوقت ذاته، أوضح عرابي، أن هناك أحزابا إسرائيلية تريد أن تفرض واقعا في الأقصى بأنه مكان يهودي ويسمح للمسلمين بالصلاة فيه وفقا للاعتبارات الإسرائيلية اليهودية وليس فقط وفقا للاعتبارات الأمنية، ويحاول آخرون مثل بن غفير استغلال الحدث لتكريس وجود اليهود في الأقصى.

وأشار إلى أن قرار "السماح" للمصلين بالدخول في رمضان للأقصى، متصل مع إجراءات الدخول للأقصى في السنوات السابقة، "فهناك قيود دوما على وصول الفلسطينيين من الضفة، والحديث كان عن زيادة قيود جديدة وهذا أمر لم يكن موجودا في السابق، والقرار يسمح بوصول الفلسطينيين للأقصى ضمن قيود تتعلق بالأعمار ومنع أشخاص وأسماء معينة من الوصول للأقصى، على قاعدة "حرية العبادة لجميع الأديان" بما يسمح لليهود كذلك من الصلاة واقتحام الأقصى في عيد الفصح اليهودي، وهذه قضية يريد الاحتلال تكريسها، وتكريس واقع سيادي إسرائيلي على المسجد الأقصى إلى جانب الإجراءات الأمنية. 

ورجح عرابي، أن يفرض الاحتلال إبعادات وقيود جديدة على بعض المقدسيين، وهذا الأمر قد يكون منوطا بالتطورات الأمنية داخل الأقصى وقد يكون بناء على استجابة لبعض المخاوف الأمنية الإسرائيلية.

من جانبه، قال المحلل السياسي محمد هلسة، إن المواقف الإسرائيلية كانت متضاربة بشأن الدخول للأقصى في رمضان خاصة فلسطينيي الداخل المحتل عام 48، وسط مخاوف من أن يجر هذا التقييد المنطقة إلى مزيد من الاشتعال، وكانت شرطة الاحتلال التي طوعها بن غفير مع فرض وتشديد القيود.

وأضاف هلسة في لقاء خاص لـ "شبكة قُدس"، أن "ما عدل في موقف نتنياهو ليس فقط توصيات الجهات الأمنية وإنما هناك اعتبار سياسي بالخصوص، بناء على المعطيات، والذي أحدث هذا التحول في موقف نتنياهو ليس فقط التوصيات الأمنية وإنما هناك مسألة مهمة بالنسبة للاحتلال وهي "محاولة منع المقاومة من الاستفادة من هذه الورقة"، حيث تعتقد قوات الاحتلال أن المقاومة منن مصلحتها التصعيد في الضفة والقدس خلال رمضان، لأنه قد يجلب الأنظار بصورة أكبر لما يجري في قطاع غزة ويوحد الساحات".

ورأى هلسة، أن الاحتلال سيستثمر حدثا هنا أو هناك لبدء فرض وتشديد القيود الإضافية على الصلاة في الأقصى بشكل تدريجي ودون الإعلان عنها بشكل صريح لكي لا تحدث أزمة. 

أما بشأن القلق الإسرائيلي من شهر رمضان؛ اعتبر هلسة، أمه مرتبط بطببيعة تعلق المسلمين بالأقصى والقدس، ليس فقط كجغرافيا وإنما كعقيدة. مضيفا: يدرك الاحتلال أنه مكان مقدس للمسلمين والفلسطينيين جميعا، وأي حدث قد يحدث في الاقصى قد يفجر المنطقة بالكامل، ولخصوصية رمضان في هذا العام الذي يأتي في ظل الحرب على غزة واليمين الإسرائيلي الذي يسيطر على الحكومة والذي يسعى لكسر كل المسلمات ومحاولة فرض واقع جديد، وهو ما قد يؤجج مشاعر الفلسطينيين والمسلمين حول العالم بصورة أكبر.

وأكد هلسة، أن قوات الاحتلال بدأت بحملة اعتقالات واستدعاءات بحق المقدسيين والنشطاء في مدينة القدس "وهذا يأتي في إطار الخطوات التصعيدية الاستباقية لمنع تمدد وتصعيد المواجهة".